في حضور فريق متخصص من أفراد النيابة العامة، وتأمين قوة من الشرطة، يعود المتهم إلى المكان الذي ارتكب فيه جريمته، بعد خضوعه للتحقيق واعترافه بارتكاب الجريمة، ويمثل جريمته، مستخدما نفس الأدوات التي ارتكبها بها.
“تمثيل الجريمة” يعتبر أحد إجراءات التحقيق التي تجريها النيابة العامة، فمتي يتم اللجوء إلى هذا الإجراء؟، ما هو الهدف منه؟ هذا ما يرصده “مصراوي” في هذا التقرير.
– متى تمثّل الجريمة؟
تحتاج بعض الجرائم إلى إعادة تمثيل ومحاكاة لاستقصاء الأدلة المتعلقة بها، ويتوقف ذلك على نوع الجريمة وطبيعتها، وفقا لدراسة نشرها “ريني ماروس”، أستاذ علم النفس بجامعة ”فانديربت” في مجلة العلوم العصبية منتصف عام 2014، وانتهت الدراسة التي اعتمدت على رصد وفحص التأثيرات على المخ لـ30 شخصا من المحققين، إلى أنهم يحكمون بدرجة أكبر من العقاب عند وصف الجريمة بشكل تفصيلي، بينما يقيمونها بدرجة أقل عند روايتها.
تمثيل الجريمة، إجراء قانوني من أجل استكمال التحقيقات والتأكد من صدق ماي قوله المتهم ويتم في جرائم معينة يرتكب فيها الشخص أفعال مثل القتل والسرقة والاغتصاب، ولا يطبق على المتهمين في القضايا المستندية (الورقية) مثل الشيكات، بحسب ما يقول الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الأسبق.
المتهم في الجرائم المتعلقة بالقضايا الإجرامية التي يتم التعدي فيها على المجني عليه، هو من يقوم بتمثيل جريمته، وخاصة في القضايا التي تثير الرأي العام ويكتنفها الغموض، مثل قضايا القتل والتمثيل بالجثث وغيرها من الجرائم الأخلاقية، وفقاً للدكتور مصطفى فودة، كبير الأطباء الشرعيين الأسبق.
– ما الهدف من تمثيل الجريمة؟
يقول كبير الأطباء الشرعيين الأسبق، إن تمثيل الجريمة يعتبر ضمانة للمتهم في توفير الحماية القضائية وتحقيق للعدالة، وحيادية التحقيق، وحيث يهدف إلى التأكد من صحة الاعترافات التي أدلى بها المتهم، والتأكد من عدم تعرضه لأي ضغوط أثناء التحقيقات التي يجريها معه ضابط المباحث المسؤول عن القضة، وحتى تتيقن النيابة من صحة اعتراف المتهم تطلب منه تمثيل جريمته لمعرفة ما إذا كان منطق اعترافاته يتماشى مع ما يفعله وقت تمثيل الجريمة أم لا “واحد بيقول أنا عملت كذا، فبيقوله طيب وريني إزاي عملت عشان أتأكد، كما يشرح”كبيش” عميد كلية الحقوق الأسبق.
وتوصل باحثون بقيادة أستاذ علم النفس بجامعة فانديربت’”ريني ماروس”، إلى أن الدراسة التي ضمت تنوع بين أعضاء فريقها ما بين متخصصين بعلوم القانون الجنائي وعلم النفس أن وجود مواد مصورة للجريمة، يخلق انطباعا قويا ورغبة أكبر في إحداث عقاب وقصاص، حيث إن المنطقة المسئولة عن المشاعر بمخ الإنسان تنشط بفاعلية عند عرض هذه القصص المدعمة بصور عن الجريمة، وهو ما يؤثرعلى اتخاذ القرار بالعقاب أو الانتقام.
– من يحضر تمثيل الجريمة؟
يتم تمثيل الجريمة أمام النيابة العامة التي تستعين بعناصر من الأدلة الجنائية لتصوير وتوثيق لحظة تمثيل المجرم للجريمة ويسمى هذا الإجراء “توثيق الاعتراف”، يكون في حضور الشرطة الممثلة في أفراد المباحث وتقتصر وظيفتها على توفير الأمن لمسرح الجريمة، لضمان عدم إقدام المتهم على الانتحار أو إيذاء نفسه أو الهروب، لكن الشرطة لا تتدخل في عملية التمثيل، وفقًا لـ”كبيش” و”فودة”.