
قعدت اخبط على راسي ونزلت على ركبي وقعدت اسأل ربنا
= ليه يارب بيحصل فيا كل ده ؟!! ليه؟
استغفرت ربنا وروحت بوست ايد امى المنهارة فى العياط ، وطبعًا انا مبقتش حاسس بنفسي ولا عارف هلاحق على اللى بيحصلى منين ولا منين .
اول مرة من سنين طويلة ، احتاج انى اكلم خالى عادل اللى مسافر بره مبقاش فيه حد يقف جنبي فى الدفنة غير الجيران كتر خيرهم ، معرفش ايه اللى خلانى عملت كده وكلمته ، ومش بس كلمته ، اول مارد عليا فى التليفون قولتله:
.
= انا ابن اختك ياخالى ، كان نفسي تحس بينا وتكون وسطينا والعيلة بتنقص واحد ورا التانى ، ليه ياخالى تبقى جاحد علينا ، الخال والد ياخالى ، كان نفسي تكون مكان ابويا اللى مات وتقف جنبي وتسندنى وتكون سند للعيلة
.. انتوا مش عايزين غير الفلوس
= فلوس اييييييه؟ حرام عليك مش عايزين منك حاجة ، انا هقولك على الكلمتين اللى مكلمك علشانهم ، انا مراتى ماتت وابنى مش لاقيه وغالبا هو كمان مات ، واختى شريفة اتقتلت والنهاردة خالى سعيد ومراته وعياله ماتوا مخنوقين من الغاز ومتبقاش فى العيلة غيرى انا وامى وانت ، وكلمة اخيرة لو فاكر ياخالى انك هتاخد الفلوس معاك فى قبرك ، يبقى خليك مسافر ومتجيش
قفلت السكة ومكملتش كلام معاه واترجيت الظابط انه يطلعلى تصريح دفن بسرعة وكتر خيره قدر الموقف ووفرلى الورق اللى محتاجه علشان استلم خالى ومراته وعياله من المشرحة وادفنهم ، الفلوس اللى معايا تقريبًا شبه خلصت ومتبقاش حاجة منها ، واستلفت كتير من الشغل والجيران الايام اللى فاتت ، مكنتش قادر اتكلم مع حد واقوله يسلفنى فلوس علشان ادفن خالى وعياله ، امى كان فى ايديها الدبلة اللى كانت سايباها ذكرى فى ايديها من ايام المرحوم ابويا ، اديتهالى علشان ابيعها وطبعًا مقدرتش اقولها لأ ، الحوجة وحشة واحنا خلاص مبقاش حيلتنا حاجة ، يادوب بعت الدبلة وروحت جرى على المشرحة علشان استلم خالى وعياله واتفق مع العربيات على نقل الجثث ، لقيت ……يتبع
فى مشرحة زينهم عالم تانى ودنيا مختلفة خالص عن اللى عايشينها ، قدام المشرحة والاهالى منتظرين جثث اهالهم مفيش اى ملامح فى المكان غير ملامح الاسى والحزن ، وانا طبعًا دلوقتى بقيت واحد منهم او يمكن بعيش حزن وآسى اكتر منهم ، لكن الحاجة اللى ادتنى امل فى الحياة ، اني لقيت قدامى خالى عادل ، انا وقفت مندهش للحظات مش مصدق انه رجع من السفر وواقف جنبي ومعايا فى الوقت الصعب ده ، وبرغم كل شئ واهماله لينا الا انى مقدرتش امنع نفسي انى احضنه ، وهو استقبلنى بالدموع وقالى:
= حقك عليا ياابنى ، انا هعوضك عن كل شئ وهبقى ضهرك لاخر العمر
.. انا مش عايز حاجة غيرك ياخالى ، مبقاش لينا فى الدنيا الا بعض
= انت ابنى اللى ربنا عوضنى بيه عن عدم خلفتى لعيل من صلبي ، كل اللى بتحلم بيه هحققهولك ، انا غلطان ياابنى فى حقكم كلكم ودلوقتى انا جاى علشان اكفر عن كل الغلط اللى عملته فى حياتى
شاورلى ناحية العربية بتاعته ، لقيت امى نازلة من العربية وفرحانة برجوع خالى وبحالة الحنين والاشتياق والندم اللى عنده ،وبدأ يظهر قدامى بشاير الامل ، وقولت اكيد ربنا شايلى حاجات كويسة بعد كل الاحزان اللى قابلتها فى حياتى دى .
امى مشيت خطوات بسيطة ناحيتى وحضنتنى جامد ، وقالتلى :
= الدنيا جت عليك جامد ياابنى حقك عليا ، خبيت عليا موت مراتك ياضنايا وابنك مش لاقيه ، ان شاء الله ربنا هيعوضك خير ياابنى وهتلاقى زياد ابنك وربنا هيكرمنا بالفرح قريب ان شاء الله
مقدرتش امسك دموعي وانا فى حضنها :
.. والله يااما مش باينلها فرح ، ابنى شكله مات يااما واللى معذبنى انى مش لاقى جثته ، على الاقل يتدفن جنب الحبايب يااما
= مفيش اى حاجة غريبة او حد كلمك يكون ورا كل اللى بيحصل ده
.. فيه يااما حد بيكلمنى فى التليفون قبل كل قتل
= ومبلغتش البوليس ليه ياابنى ؟!!!!
.. يااما احنا مالناش ضهر ، ومفيش حاجة عندنا علشان غيرنا يطمع فيها
= يمكن حد بيساومك بفلوس خالك ياابنى
.. يااما خالى من زمان مش موجود معانا والناس كلها كانت عارفة ان مفيش بنا كلام ، ربنا موجود يااما ربنا موجود
خالى دخل فى الكلام وقالى:
= ان شاء الله هقدر اوصل للى عملوا كده وهندمهم على اللى عملوه ياابنى صدقنى وانا معاكم وجنبكوا ومش هسيبكوا ولو لآخر يوم فى عمرى ، انا وحياتى وفلوسى وكل دنيتى تحت امركم ،انا الدنيا كانت غرانى ومكنتش شايف غير الفلوس ، اتجوزت مرة واتنين علشان الخلفة وربنا مكنش رايد انى اشوف عيل من صلبي وكانه بيدينى درس انى ابص لعيال اخواتى ، ماانتوا عيالى برضو ، وللاسف ملحقتش اعوضهم عن اللى عاشوه من فقر وحرمان ، لكن انت قدامى اهو ، اوعدك هنلاقى زياد وهحققلكم كل اللى تتمنوه وهأمن مستقبلكم لسنين قدام
.
.. انا خلاص ياخالى مش عايز حاجة من الدنيا تانى ، لو ابنى زياد مات يبقى على الدنيا السلام
استأذنت خالى انى اخد عربيته واروح اجيب الكفن لخالى الله يرحمه ومراته وعياله ، ومتأخرتش كتير ، يادوب جبت الاكفان بتاعتهم ، لقيت امى وخالى بيستلموا الجثث ، مقدرتش امسك نفسي وجريت عليهم ، دموعى بقت بتنزل مني لاارادى واللى خلانى دمعت اكتر ، لما شوفت طفل صغير شبه زياد ابنى ماسك فى ايد ابوه وبيضحكلى ، كنت بتقطع من جوايا ، عربيات الجمعية الشرعية كانت موجودة ودخلنا الجثث فى الصناديق ، امى اصرت انها تركب مع الجثث لكن انا مرضتش ابدًا وبالعافية لما اقنعتها ان تروح مع خالي فى عربيته وتحصلنا على هناك ، قالتلى:
= الطريق سريع وخالك نظره ضعيف وبيمشي بطئ وانا عايز الحقكم
.. هنستناكوا يااما متقلقيش ، مش هندفن من غيركم
= لا ياابنى اكرام الميت دفنه ، حاولوا تدفنوه بسرعة وخالك ان شاء الله هيوصل بدرى معاكم
امى ركبت مع خالي وانا ركبت فى عربية الجمعية الشرعية وقرفتهم كانت جميلة والعربيات كانت ماشية بسرعة جدًا لدرجة انى محستش بالوقت ووصلنا على طول ، حاولت اعطل الناس دقايق فى الدفنة ، لكن قالولى حرام ولازم ندفن ، لكن مكنتش اتوقع خالص انى هقف فى الدفنة لوحدى …….. يتبع
دفنت خالى وعيااله والكام واحد من جيرانى اللى كانوا معايا مشيوا وامى وخالى لسه موصلوش بالعربية ، طبعًا قلقت عليهم جدًا وافتكرت كلمة امى لما قالتلى ان خالى نظره ضعيف وانه بيسوق العربية بالراحة ، وافتكرت كمان لما قالتلى انها هتخليه يسوق العربية بسرعة علشان يحصلنا وقولت من المؤكد ان حصل حاجة .
قعدت اتصل بيهم على التليفون فضل مقفول كام ساعة وبعد كده لقيت تليفون امى رن ، طبعًا رديت لكن ملقتش امى اللى بترد على التليفون ، لقيت واحدة بتقولى :
= ازى حضرتك ياافندم ، هو حضرتك من اهل الحاجة والاستاذ
.. ايوة انا ابنها والاستاذ ده يبقى خالى ، خير ، مين حضرتك ؟
= انا ممرضة فى مستشفى الدنيا ياافندم ، والدة حضرتك وخالك للأسف عملوا حادثة شديدة وهما حاليًا فى العناية المركزة
.. انا جاى حالا
قفلت التليفون ومعرفش ازاى نزلت فى الشارع وركبت تاكسى وطلعت زى المجنون على المستشفى ، اول مادخلت من الباب قالولى ممنوع الزيارة ، زقيت بتاع الامن وعملت مشكلة كبيرة جدًا علشان ادخل ، لحد ماالمدير تفهم الموقف وسمح ليا بالدخول وكمان علشان اخد المتعلقات بتاعتهم ، طلعت بصيت على امى وخالى الاتنين فى غيبوبة تامة وعلى جهاز تنفس صناعى ، لقيت رئيس المباحث الموعود اللى مسئول عن المنطقة فى المستشفى علشان ياخد اقوال المستشفى والناس اللى وصلتهم للمستشفى وطبعًا اهلهم ومكنش عارف انه هييجي هيشوفنى تانى ، لكن اول ماشافنى اتنهد تنهيدة كبيرة وكانه عايز يقولى انت تانى .
الممرضة بتشاورله عليا ، وراحت معاه علشان توصله ناحيتى وتعرفه بيا ، قالها ، خلاص انا هتولى الموضوع ، وطبعًا اول ماشافنى قالى:
= انا اول مرة فى حياتى اقابل قضية بالشكل ده ، ومبقتش عارف اواسيك ولا اخد اقوالك ولا اعمل ايه ، انا عارف انك مش ناقص بس سامحنى ده شغلى ولازم اعمله
.. مش قولتلك ياباشا ان شكل الدنيا كده جاية عليا وانا مش مكتوبلى الفرحة ، عموما متقلقش ياباشا ، خلاص الدور دلوقتى بقى عليا انا وابنى زياد اللى مش لاقيه
= احنا مكثفين التحريات فى كل مكان علشان نلاقى زياد ابنك وان شاء الله قريب هتلاقيه وعرفنا ان جاتلك مكالمات من حد غريب بيدلك على الجرايم قبل ماتحصل وبرضو متتبعين الموضوع
.. خلاص ياباشا ، انا حقى هاخده فى الاخرة وزى ماقولت لحضرتك كده ، “القصة للكاتب مصطفى مجدى”، واضح ان ايامى فى الدنيا معدودة ، ولاول مرة اتمنى انى الاقى ابنى حتى لو ميت ، اهو على الاقل لما اموت ادفن فى المكان اللى هو فيه .
.
= خلى ايمانك بربنا كبير واكيد كل اللى راحوا فى مكان احسن من هنا
.. اللى راحوا كتير اوى ياباشا ، انا بموت فى الدنيا لوحدى
= تمالك نفسك ، واستغفر ربنا وهستناك تعدى عليا فى المكتب ، وهستأذنك انا هاخد المتعلقات بتاعة خالك والحاجة ، هنرفع من عليهم البصمات ونراجعهم يمكن نوصل لاى شئ ، وان شاء الله هيقوموا بالسلامة وكل شئ هيبقى كويس
رئيس المباحث مشي وطبعًا بعد محاولات كتير من ادارة المستشفى ، مشيت وروحت البيت وقولت اجيلهم على ميعاد الزيارة الصبح يكون ربنا جبر بخاطرى وقومهم بالسلامة ، خاصة ان الدكتور ادالى الامل انهم يعيشوا ، خدت دش ولاول مرة اقعد فى الحمام اكتر من ساعتين تحت المياه ، دماغى متشتته وسارح فى كل اللى حصلى والغريبة بقى انى سامع اصوات كل اللى ماتوا حواليا ، ،
حتى ضحكة ابنى الصغير وكلامه المقطع وهو بيجرى عليا وبيحضنى ، حتى لما كان بينزلنى الساعة 3 الفجر علشان اجيبله حاجة حلوة ، حاسس ان حركته فى المكان ، مراتى وضحتكها اللى متتعوضش ، ودخولها عليا الحمام وانا بستحمى وهزارها معايا ، حتى عياطها اللى كان بيقطع قلبي ساعة ما كنت بزعلها ، والاحلام اللى حلمناها سوا ان ربنا هيكرمنا وهتبقى حالتنا المادية احسن وهنخلف بدل العيل عشرة ، وهنملى البيت فرحة وسعادة ، كل الاحلام راحت ، مبقاش فيه احلام وردية فى الحياة ، وانا فى الحمام لقيت دموعى بتنزل من غير مااشعر ، حاسس بوجع رهيب جوه قلبي ، نفسي اوى اشوف زياد ابنى …..
اكتر حاجة واجعانى فراق اللى حبيتهم من كل قلبي ، حاسس انهم معاشوش يوم حلو ولا انا كمان عشت يوم حلو ، شاكلنا كده مكتوب علينا نعيش فى التعاسة والفقر ونموت عليهم ، يادوب صليت الفجر وريحت جسمى على السرير ، لقيت التليفون بتاعى رن ، قلبي اتقبض ومن غير مااشوف الرقم عرفت انها المستشفى هتقولى ان حد فيهم مات ، واول مارديت على المكالمة قالى مدير المستشفى :
= والله يافندم انا عارف ان الوقت متأخر والشدة اللى حضرتك فيها ، لكن ان شاء الله ربنا هيعوضك خير
قاطعت المقدمة اللى بقت بالنسبالى معتادة وسالته:
.. مين فيهم مات ؟
سكت للحظات وقالى:
= الاتنين يافندم ، للاسف الاتنين ، البقاء لله يافندم ، منتظرين حضرتك لاستلام الجثث
انا فى لحظتها فكرت فى الانتحار ، لكن اخرت الخطوة دى شوية لحد ما اكرم امى وخالى وادفنهم ، وطبعًا رئيس المباحث كان هناك وسهلى الامور جدًا علشان اخد تصريح الوفاة ، وطلع محفظة خالى الله يرحمه ، وكان فيها فلوس كتير ، وشنطة صغيرة ، قالى :
= انا عارف انك فى ظروف صعبة علشان كده حبيت اعرفك ان كرم ربنا كبير ، المتعلقات دى فيها حاجات مهمة جدًا هتهمك ، بص عليها كويس ، والمحفظة دى جواها فلوس خالك ، انت اكيد محتاجها دلوقتى
رجعت الحاجات لرئيس المباحث وقولتله :
.. مش عايز حاجة ولا عايز اعرف حاجة يا افندم ، انا هاخد بس دول علشان الدفنة
خدت مبلغ صغير من محفظة خالى علشان الدفنة والعربيات والعزا اللى بقى مبيتشلش من قدام بيتنا ، ومشيت بسرعة على المدافن واول مرة فعلا ميروحش معايا حد من الجيران ، واروح لوحدى انا و العاملين فى الجمعية الشرعية .
لما روحت المقابر المرة دى حسيت بإحساس غريب ، حسيت انى مش هاجى للمقابر تانى فى دفن حد ايًا كان ، وان المرة الجاية هاجى متشال او الله اعلم يمكن اجى وانا مرمى فى الشارع رمية الكلاب واموت من غير ماحد يحس بيا ، الانتحار كُفر وانا مش بعد كل اللى شوفته اموت كافر ، ربنا غفور رحيم والواحد عمل ذنوب كتير اوى فى الدنيا دى ، اتمنى ربنا يدينى الوقت انى اكفر عنها .
.
بعد الدفنة كلمنى رئيس المباحث وقالى انه عايزنى اروحله ضرورى ، روحتله واول ماقعدت لاول مرة اشوف على ملامحه السعادة ، وده كان غريب بالنسبالى ، وقبل مااقعد قالى:
= عندى ليك مفاجات كتير اوى علشان تعرف بس ان ربنا شايلك الخير ومش كل الدنيا وحشة
.. خير يا باشا ، اتمنى يكون خير
نادى على العسكرى اللى بره وقاله
= دخله ياابنى
العسكرى دخل وشايل زياد ابنى ، انا قومت وقفت وفضلت مبلم شوية ومش مصدق عنيا ان ممكن زياد يكون لسه عايش”، خدته فى حضنى وقعدت ابوسه واعيط لدرجة ان دموعى تقريبًا بقت بتنزل على الارض ، وزياد كمان اترمى فى حضنى اوى وقعد يقولى بطريقة كلامه المقطعة دى
.. انا زعلان منك بابا ، انا زعلان
= متزعلش ياحبيبي مش هسيبك تضيع منى تانى ابدًا
بصيت لرئيس المباحث وقولتله بلهفة
= لقيته فين ياباشا؟!!!
.. لا انا عندى ليك مفاجأة كمان الاول وبعد كده هقولك انا لاقيته ازاى
= ايه هي ؟
.. لقينا فى متعلقات خالك وصية كاتب كل ممتلكاته باسمك وتحت تصرفك وبخط ايده وبصمته واتاكدنا اننا نتحقق من بصماته فى المستشفى قبل دفن الجثة
انا بقيت فى ذهول مش مصدق اللى بسمعه ، ومعرفتش انطق نص كلمة سواء من فرحة ابنى او من تعويض ربنا ليا كل التعب اللى عيشته فى حياتى ، رئيس المباحث قالى
= لسه استنى ده المفاجأت جاية كتير ، هحكيلك بقى انا لاقيت زياد ازاى وهقولك كمان على المفاجأة الكبيرة ….. يتبع
انا فضلت مستنى رئيس المباحث يقولى على المفاجآت الكتير ، واول مانطق فعلا كانت صدمة بالنسبالى ، بصلى بجدية وبدأ يحكي وقال:
= احنا عملنا تتبع للتليفون اللى جالك منه مكالمة اول مرة ، وسبحان الله يااخى بعد ماكنا فقدنا الامل ان نعرف التليفون ده فين ، بالصدفة امبارح التليفون اتفتح ، لا وايه كمان ولقينا حد بيرد علينا ، الواحد يااخى ربنا بيوقعه فى حاجات جميلة
.. مين اللى رد على التليفون يافندم؟!
= رئيس العصابة الفظيعة ، زياد بيه
.. ابنى ؟! ياباشا متهزرش ، ده انا يادوب بجمع كلام زياد بالعافية
سكت شوية وبصلى باستنكار وقالى:
= مااحنا لما روحنا لقينا زياد ياحسين ، تخيل الواد كان بقاله يوم ماكلش !! بس احنا مسبنهوش متخافش عملنا الواجب واكلناه
.. انت قصدك ياباشا ؟!
= اتقل على رزقك ، لسه مخلصتش كلامى ، اللى انت متعرفوش ان مراتك ماتت مخنوقة بالغاز ، حد ابن حلال حطلها منوم ، وقفل الشبابيك بايده ، وسرب خرطوم الغاز جوه الاوضة لحد ماماتت ولما رجع البيت فجأة شال انبوبة الغاز مكانها وعمل الشويتين بتوعه علشان محدش يشك فيه ، وطبعًا قبليها حط زياد فى الاوضة اللى كان مأجرها فوق السطوح علشان الواد صعبان عليه ومش عايز يحصله حاجة ، لا ومش بس كده ، اللى مضايقنى بقى ان ازاى يجيلك قلب اختك شريفة تخلي حد يغتصبها وتقولهم ان دى واحدة شمال وانهم يتعاملوا معاها عادى ، لا والاوسخ بقى لما تقولهم انها هتعترف عليهم وانهم لازم ييجوا يخلصوا منها قبل ماتلحق تبلغ عنهم وكل ده يبقى قصاد البواب ، اللى شايف واحد منهار قدامه ، اخته مغتصبة واتقتلت قصاد عينه
ياراجل ده انا كنت هعيط عليك وانت بتصفى فى العيلة واحد ورا التانى ، وسبحان الله تروح تبات عند خالك والشبابيك كلها بفعل فاعل تتقفل ماعدا شباك امك واللى قالت فى اقوالها انك جبتلهم كفته يومها بالليل وكل اللى حست بيه انها كلت الكفتة ومحستش بنفسها تانى
طبعًا عندك فضول تسأل انا ازاى جمعت كل ده ؟! ، لان فى شغلتنا لازم اشك فى كل الناس ، شكيت فيك فى الاول ، لكن مع مرور الوقت بدأت اتعاطف معاك واخرجك من دايرة الشك ، لكن خالك اول مارجع وعرفت اللى فيها حطيتك اول واحد فى الدايرة او تقريبًا الوحيد ، وطبعًا حادثة خالك بالعربية مع والدتك ، كانت هي مربط الفرس ، لان كاميرات المستشفى جابتك وانت سايق العربية قبل ماخالك يركبها وانت رايح تجيب الكفن لخالك وعياله ، ولما كشفنا على العربية لقينا فعلا الفرامل مفكوكة بفعل فاعل .
..انت بتظلمنى ياباشا وبتتهمنى بحاجة انا معملتهاش وفلوس الدنيا كلها متساويش حد من اهلى ، اه صحيح الفقر واكلنا لكن احنا ناس شريفة واللى عايز يعمل الجرايم دى كلها كان عملها من بدرى مش دلوقتى ، وبعدين ايه دليلك على ان كل ده انا عملته؟!!!
= ايووووة نيجي للدليل ، هو ده الكلام المهم ، بصمات رجل سيادتك مطابقة لبصمات الرجل فى كل الجرايم يااستاذ حسين ، يعنى دلوقتى هتلاقى واحد داخل علينا بعد ماارن الجرس كده
رئيس المباحث رن الجرس وقال للعسكي دخل المعمل الجنائى ياابنى ، ورفع فعلا بصمات رجلى وبص للظابط وقاله
.. تقريبًا هتطلع مطابقة يا افندم لكن هنستنى التقرير النهائى
قطعت كلام رئيس المباحث مع المعمل الجنائي وقولتله بغضب:
.
= متتعبش نفسك ياباشا ، ايوة انا اللى عملت كده ، لكن لو بنتكلم فى الصح واللى المفروض يحصل انك تحاسب البلد ، تحاسب البلد على اللى خلتنا فقرا لدرجة ان يجي يوم نضحى باعز مالينا فى الدنيا ، حاسب الزمن اللى خلى خالى اللى الفلوس مترمية تحت رجله قلبه حجر ومحنش علينا غير بعد فوات الاوان
.. قتلته ليه وانت عارف انه راجع وهيعوضك عن كل اللى فات؟!!!
= لو فاكر انى عملت كل ده علشان الفلوس تبقى غلطان ، انا عملت كل ده علشان اخلص عيلتى من فقرهم وبالنسبة لخالى فكان لازم يتعاقب مني على كل دقيقة معملش حسابنا فيها ، كنت من شوية بتقولى ابنك بقاله يوم ماكلش وكنت مستغرب ان قلبي قاسي اسيبه يوم كامل من غير اكل ، لكن لو عرفت سيادتك ان ده العادى وان اساسا مكناش بناكل باليومين من قلة الفلوس مكنتش استغربت ، ياباشا احنا مطحونين ، لو عايز تلوم على حد لوم على الزمن لوم على اللى اتغير وعلى اللى كبش الفلوس كلها وسابنا فى فقرنا .
انا نفسي يوم القيامة اشوف كل اللى معاه فلوس وكنزها وموزعش على الفقير وعيني فى عينه واساله واقوله فلوسك النهاردة نفعتك انت واهلك بايه ؟! يارب بس الاقى اجابة ، انا مستعد ياباشا للموت ، انا نفسي بس ربنا يسامحنى ويحطنى مع الناس اللى بحبها ، اتمنى ربنا ميبعدنيش عنهم فى الاخرة ياباشا
.. كل اللى قولته مايبررش اللى عملته فى اهلك ياحسين ، انت لو قاتل مأجور مكنتش عملت فى اهلك كده ويتمت ابنك بدرى بحجة الفقر ، ربنا مقالش نقتل علشان نحارب الفقر ، ربنا قال نحاول نشتغل نسعى ، ولو ربنا كاتبلك حاجة هتشوفها ، وبعدين زى ماانت شايف كده ، هي دى النهاية ، عشت فقير وهتموت مذلول ، مفيش حد هيكون معاك غير حبل الاعدام …….
تمت




